قلنا : «الجواب عن ذلك من وجهين. احدهما» : (١) ان تمكين هؤلاء المذكورين من الفساد ليس باستفساد ، لأنه تمكين وتعريض لثواب (٢) اعظم من الثواب الذي عرضوا له مع عدم هؤلاء فصار خلق هؤلاء وتمكينهم من الشبهات تمكينا من تكليف أشق وتعريضا لثواب أعظم فخرج بذلك من الاستفساد ، لأن حد الاستفساد ما يقع عنده الفساد ولولاه لم يقع من غير ان يكون تمكينا وهذا تمكين فخرج من الاستفساد. وليس لأحد ان يقول تمكين الجن من القاء القرآن إلينا تمكين وليس باستفساد ، لأنا بينا ان ذلك يسد علينا (٣) الباب الموصل إلى الفرق بين الصادق والكاذب وذلك باطل بالاتفاق.
والثاني : ان كل من فسد بدعاء ابليس وهؤلاء الممخرقين كان يفسد وإن لم يكن ابليس ولا أحد من هؤلاء فلم يكن ذلك استفسادا كما نقول فيمن بطل عنده متشابه القرآن ، وخلق ابليس وغيره ، ولا يمكن ادعاء العلم الضروري في خلافه لأن ذلك غير معلوم ، ولا يمكن مثل ذلك في القاء الجن القرآن لما بيناه من ان ذلك يؤدي الى سد الطريق في الفرق بين الصادق والكاذب وهذا القدر كاف هاهنا فان استيفائه يطول به الكتاب وقد أجبت عن سؤال الجن.
__________________
(١) الجملة بين القوسين سقطت من أ ، ب.
(٢) في الاصل : للثواب.
(٣) ح : عليه.