لا نفس النقل ، لأن فعلنا لا يكون دليلا على التصديق وانما يدل على التصديق ما يختص تعالى بالقدرة عليه ، ومتى رجع الى ان قال لم يخرق العادة بفصاحته سقطت معارضته بسؤال الجن ، وصار الكلام في هل هو خارق (١) للعادة أو ليس بخارق لها؟
وقد مضى الكلام على صحة ذلك.
والجواب الثاني (٢) عن سؤال الجن انه لو كان القرآن من فعل الجن لمنع الله تعالى منه لأن ذلك مفسدة ولا يجوز التمكين من ذلك على الله تعالى. فان قيل : انما لا يجوز عليه ان يفعل نفس الاستفساد وأما (٣) المنع من الاستفساد «فلا يجب ، ولو وجب ذلك لوجب ان يمنع تعالى كل شبهة من المنحرفين والمشعبذين من كل ما يدخل فيه شبهة على الخلق فالمنع من الشبهات وفعل القبائح مع التكليف لا يجب ، وليس إذا لم يجز عليه تعالى الاستفساد» (٤) لم يجز عليه التمكين منه ، كما اذا لم يجز عليه القبيح لم يجب عليه المنع منه (٥) ، وكان يلزم ان يمنع الله تعالى زرادشت ، وماني ، والحلاج وغيرهم من الممخرقين الذين فسد بهم خلق من الناس ، ولولاهم لما فسدوا ان وجب المنع من الاستفساد.
__________________
(١) ح : خرق.
(٢) سقطت من أ ، ب.
(٣) أ ، ب : وأما.
(٤) ما بين القوسين سقط من أ ، ب.
(٥) سقطت من أ ، ب.