الإعجاز ، وليس يلزم في المعجز أن يبلغ الغاية القصوى ، ألا ترى ان الله تعالى لم (١) يجب قريشا إلى جعل الصفا ذهبا ، وإلى احياء عبد المطلب ، ونفل جبال تهامة من مواضعها ، وإلى تفجير الأرض لهم ينبوعا ، لأن المصلحة معتبرة مع كونها خارقة للعادة ، وليس تكون المعجزات على قدر الأماني والشهوات.
فان قيل : لم لا يجوز ان يكون القرآن من فعل بعض الجن ، ألقوه إلى النبي (ص) ليضل به الخلق ، ولا يمكنهم ان يدعوا ان فصاحة الجن مثل فصاحة العرب ولا انه ليس لهم علم بكيفية هذا النظم المخصوص لأنه لا طريق لهم (٢) الى ذلك ، بل يكفي التجويز في هذا الباب ، لأنه معه لا يمكن القطع على إنه من فعل الله. وأيضا فان النبي (ص) يدعي ان ملكا نزل عليه بهذا القرآن ، أفلا (٣) يجوز ان يكون ذلك الملك كاذبا ، ولا يمكنهم ادعاء عصمة الملائكة لأن ذلك معلوم بالسمع الذي لم تثبت بعد صحته ، وعادة الملائكة أيضا في الفصاحة غير معلومة.
قلنا : الجواب عن (٤) هذا السؤال من وجوه :
أحدها : انه لو طعن هذا السؤال في اعجاز القرآن لطعن في سائر
__________________
(١) سقطت من ح.
(٢) ب ، ح : لكم.
(٣) فلا.
(٤) ح : على.