منه غير الرجز ، ولو تكلف الطويل لرك كلامه ، والرجال المفرطون في الفصاحة معروفون ، كالعجاج ورؤبة وغيرهما ، فانه لم يكن لهما (١) قصيد ، وان كان فلم يشبه الرجز ولا قاربه.
فاذا ثبت ذلك فليس في وجود كلام كثير من العرب ما يدل على انهم لو تكلفوه بهذا (٢) النظم لكان (٣) مثله ، ولما عدلوا عن المعارضة ، وتعذرت عليهم ، وإما لفقد علمهم بالنظم وإن كان فصيحا ، أو لعلمهم بأنهم لو تكلفوا ذلك لوقفوا (٤) دونه ، دل ذلك على ان القرآن خارق للعادة بمجموع الأمرين.
على ان اشتباه كثير من كلام العرب على الفصحاء لا يدل على انه مثله لأنه قد يشتبه الشيئان على أصحاب الصنائع وإن كان بينهما بون بعيد كاللؤلؤتين الغاليتين في الثمن والمشبهين المبهرجين (٥) ، حتى انه تدخل الشبهة بينهما ويتم الأغلاط ، وإن كانت لا تشتبه عندهم لؤلؤة حقيرة مع مخلبه.
ومن الناس من قال ان المطبوعين على الفصاحة الذين هم في الطبقة الأولى وجدوا الفرق بين فصيح كلام العرب وبين القرآن وانما كابروا في ذلك ، وكل من يجري مجراهم فهو مثلهم ، فأما من لم يبلغ تلك المنزلة
__________________
(١) أ : فيهما.
(٢) أ ، ب : كهذا.
(٣) أ : لم يكن.
(٤) في الاصل : لوقعوا.
(٥) ح : المتهرجين.