فقط دون من اعتبر الفصاحة والنظم وليس يمكن اجتماعهما في شيء من كلام العرب فيعلم كيفية الفصاحة والفرق بينهما.
فان قيل : النظم مقدور لكل أحد وانما الفصاحة هي المعتبرة. قلنا (١) : أول ما نقول ان النظم أيضا يحتاج الى علم مخصوص ، ولذلك (٢) تختلف الأحوال فيه فيأتى من بعضهم الخطب ولا يتأتى منه الشعر ، وآخرون (٣) يتأتى منهم (٤) الشعر ولا يتأتى منه الخطب ، فلا (٥) يكفي في النظم مجرد القدرة ، ولم نجدهم نظموا شيئا مثل القرآن (٦) ، فمن اين لنا انه كان يتأتى منهم. على انه لو كان النظم مقدورا لم يمنع ان يكونوا متى أرادوا الفصاحة المفرطة في هذا النظم لم يتأت منهم ، وان تأت منهم في الشعر والخطب ، ألا ترى ان في الناس من يكون اخطب الناس وأبلغهم فيها ، فاذا نظم الشعر كان ركيكا. وكذلك من قال الشعر البليغ للغاية (٧) لا يحسن ان يكتب كتابا ، فاذا تكلفه رك كلامه. وكذلك تفاضل الشعراء في أوزان الشعر فمنهم من يقوى على الطويل دون الرجز ومنهم من لا يتأتى
__________________
(١) أ : قيل. ب : أقول :
(٢) أ ، ب : فلذلك.
(٣) أ : وآخره.
(٤) أ ، ح : منه.
(٥) أ ، ب : ولا.
(٦) ب ، ح : مثل هذا القرآن.
(٧) ح : الذي فيه الغاية.