قال الفريقان إذا
ثبت أنه خارق للعادة بفصاحته ، دل على نبوته ، لأنه إن كان من فعل الله فهو دال
على نبوته ، وإن كان من فعل النبي (ص) فالنبي لم يتمكن من ذلك إلا بعلوم فيه خارقة
للعادة تدل على نبوته. فاذا قال إنه من فعل الله دون فعلي قطعنا على انه من فعل
الله لثبوت صدقه. وقال قوم هو معجز لاختصاصه بأسلوب مخصوص ليس في شيء من كلام
العرب. وقال قوم : تأليف القرآن ونظمه مستحيل من العباد كاستحالة الجواهر
والألوان. وقال قوم كان معجزا لما فيه من العلم بالغائبات. وقال آخرون : كان معجزا
لارتفاع الخلاف والتناقض فيه مع جريان العادة بأنه لا يخلو كلام طويل من ذلك. وأقوى الأقوال عندي قول من
قال انما كان معجزا خارقا للعادة لاختصاصه بالفصاحة المفرطة في هذا النظم المخصوص
دون الفصاحة بانفرادها ، ودون النظم بانفراده ودون الصرفة ، وإن كنت نصرت في شرح
الجمل القول بالصرفة على ما كان يذهب إليه المرتضى رحمهالله من حيث شرحت كتابه فلم يحسن خلاف مذهبه.
والذي يدل على ما
قلناه واخترناه أن التحدي معروف بين العرب بعضهم بعضا ، معتاد ويعتبرون في التحدي معارضة الكلام بمثله في نظمه ووصفه لأنهم لا
يعارضون الخطب بالشعر ولا الشعر بالخطب. والشعر لا يعارض إلا بما كان يوافقه في
الوزن والروي والقافية ، فلا
__________________