يعارضون الطويل بالرجز ، ولا الرجز بالكامل ، ولا الربع بالمتقارب ، وانما يعارضون جميع أوصافه ، واذا كان كذلك فقد (١) ثبت ان القرآن جمع (٢) الفصاحة المفرطة والنظم الذي ليس في كلام العرب مثله. فاذا عجزوا عن معارضته فيجب ان يكون الاعتبار بهما. فأما الذي يدل على اختصاصه بالفصاحة المفرطة فهو ان كل عاقل عرف شيئا من الفصاحة يعلم ذلك ، وان ما في القرآن من الفصاحة يزيد على كل فصيح.
وكيف لا يكون كذلك وقد وجدنا الطبقة الأولى قد شهدوا بذلك ، وطربوا له. كالوليد بن المغيرة ، والأعشى الكبير ، وكعب بن زهير ، ولبيد بن ربيعة ، والنابغة الجعدي ، ودخل كثير منهم في الإسلام ككعب والنابغة ولبيد. وهم الأعشى بالدخول في الإسلام فمنعه أبو جهل من وذلك وفزعه (٣) ، وقال له انه يحرم عليك الأطيبين الزنا والخمر. فقال أما الزنا فلا حاجة لي فيه لأني كبرت وأما الخمر فلا صبر لي عنه ، فانتظر (٤) وأتته المنية واخترمته (٥) دون الإسلام.
والوليد بن المغيرة تحير حين سمعه فقال سمعت الشعر وليس بشعر ، والرجز وليس برجز والخطب وليس بخطب ، وليس له اختلاج
__________________
(١) ح : وقد.
(٢) أ ، ب : مع.
(٣) أ ، ب : وفرقه.
(٤) ب ، ح : وأنظر.
(٥) ب ، ح : واخترم.