وإذا ثبت انهم لم يعارضوه فإنما يعلم انهم لم يعارضوه للعجز لأن كل فعل لم يقع مع توفر الدواعي لفاعله وشدة براعته عليه (١) قطعنا على انه إنما لم يقع للتعذر .. ولذلك قطعنا على ان الجواهر والألوان ليست في مقدورنا مع علمنا بتوفر الدواعي إلى فعلها وانتفاء الموانع المعقولة. فيخرج من (٢) هذا ان يقطع على ان جهة ارتفاع ذلك للتعذر لا غير.
لأنا علمنا ان العرب تحدوا بالقرآن وتوفرت دواعيهم إلى معارضته ولم يكن هناك مانع فوجب القطع على ان ذلك للتعذر لا غير فكيف وقد علمناهم تكلفوا المشاق من بذل النفوس والأموال والحروب العظيمة التي أفنتهم طلبا لا بطال أمره ، فلو كانت المعارضة مباينة (٣) لما تكلفوا ذلك ، لأن العاقل لا يترك الأمر السهل الذي يبلغ به الغرض ، ويفعل الأمر الشاق الذي لا يبلغ معه الغرض ، ومتى فعل ذلك دل على إنه مختل العقل سفيه الرأي ، والقوم لم يكونوا بهذه الصفة.
وليس لأحد ان يقول : إنهم اعتقدوا ان الحرب أنجع من المعارضة فلذلك عدلوا إليها. وذلك ان النبي (ص) لم يدع النبوة (٤) فيهم بالغلبة والقهر ، وإنما ادعى أن (٥) معارضة مثل القرآن متعذر (٦)
__________________
(١) أ ، ب : علينا.
(٢) ح : مع.
(٣) كذا في ح. وهو ساقط من أ ، ب.
(٤) ح : التسوية.
(٥) ليس في الأصل.
(٦) ب ، ح : يتعذر.