ولا يمكن ان يدعى فيه الخوف من أنصاره واتباعه ، فمنع ذلك من معارضته لأن الخوف لا يقتضي انقطاع النقل بالكلية وإنما يمنع من المظاهرة به ، والمجاهرة ، فكان يجب ان ينقل على وجه الاستسرار كما نقل (١) ما نحن ندعيه من النص الجلي وغيره. على ان كثرة المسلمين وكثرة أنصاره كانوا بعد الهجرة فهلا عارضوه قبل ذلك بمكة ، ثم لم لم يعارضوه (٢) ويظهروه في بلاد الكفر كالروم وبلاد الفرس والهند وغيرها. فان «أصل الفرس الكفر» (٣) فيها إلى يومنا هذا ، وكيف لم يمنع الخوف من نقل هجائه وسبه ، مع نقل معارضته ، والكلام في ذلك استوفيناه في شرح الجمل.
ولا يمكن ان يدعى وقوع المعارضة من واحد أو اثنين وإنه قيل فلم يسمع ، وذلك أنه اذا كانت المعارضة متعذرة على الفصحاء والمعروفين والشعراء والخطباء المبرزين كفى ذلك في باب خرق العادة ، وثبوت كونه معجزا ، أما بأن (٤) يكونوا مصروفين على مذهب من قال بالصرفة ، أو لأن القرآن فقط فصاحته خرق العادة. وأيهما كان وجب تساوي الكل فيه وان أحدا لم يتمكن من المعارضة ، وذلك يمنع من التجويز الذي سألوه عنه.
__________________
(١) أ : تقدم.
(٢) في الاصل : ثم لم يعارضوه.
(٣) الجملة سقطت من ح.
(٤) أ ، ب : أن يحذف الباء.