على انه احتج بهذا القرآن أو بما هذا القرآن أظهر منه. وأيضا فآيات التحدي في القرآن ظاهره نحو قوله «فأتوا بعشر سور مثله مفتريات» وقوله (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) وفي موضع آخر «بسورة مثله» وقوله (لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) وهذا صريح بالتحدي.
وأما الذي به يعلم أنه لم يعارض فهو انه لو كان عورض لوجب ان ينقل ولو نقل لعلم كما علم نفس القرآن فلما لم يعلم دل على انها لم تكن. وإنما قلنا ذلك لأن كل أمر لو كان لوجب ان ينقل فاذا لم ينقل قطعنا على (١) انه لم يكن ، وبهذا يعلم انه ليس بين بغداد والبصرة بلد أكبر منهما وانه ليس في الشريعة صلاة سادسة ، ولا حج إلى بيت بخراسان ، لأنها لو كانت لوجب نقلها مع سلامة الأحوال ، وانما قلنا كان يجب نقل المعارضة لو كانت لأن الدواعي كانت تتوفر إلى نقلها ، لأنها كانت تكون هي الحجة دون القرآن ، ونقل الحجة أولى من نقل الشبهة. على ان الذي دعا الى المعارضة داع إلى نقلها وإظهارها والداعي لهم الى ذلك طلب التخليص مما ألزموه من ترك أديانهم ومفارقة عاداتهم ، وبطلان الرئاسة التي ألفوها ، ولذلك نقلوا كلام مسيلمة والأسود العنسي ، وطليحة مع ركاكته وسخافته وبعده عن دخول الشبهة فيه ، فكيف لم ينقل ما هو حجه في نفسه اذ فيه شبهة قوية.
__________________
(١) سقطت من ح.