لما كانت هذه الأشياء منفرة في العادة.
ومرادنا بالتنفير هو ان يكون معه أقرب الى ان لا يقع منه القبول ، ويصرف عنه وإن جاز ان يقع على بعض الأحوال كما ان ما يدعو الى الفعل قد لا يقع معه الفعل. ألا ترى ان التبشير الى وجه الضيف داع الى حضور طعامه وربما لم يقع معه (١) الحظور. والعبوس ينفر وربما وقع معه (٢) الحضور وان كان ذلك لا يقدح في كون أحدهما داعيا والآخر صارفا. ولا يقع (٣) القبول من الواعظ الزاهد ويقع من الماجن السخيف ، ولا يخرج ذلك السخف من كونه صارفا والزهد من كونه داعيا. ودليل التنفير يقتضي نفي جميع القبائح عنهم صغيرها وكبيرها والفرق بينهما مناقضة.
وقولهم حبط (٤) الصغائر تنقيص الثواب ، ليس بصحيح إذا سلمنا الإحباط. لأنها وإن نقصت الثواب فهي فعل قبيح وإقدام عليه ، ومع ذلك تزيل ثوابا حاصلا ، وفي ذلك نقل (٥) من مرتبة عالية الى ما دونها ، وذلك لا يجوز على الأنبياء. كما لا يجوز ان يعزلوا عن النبوة بعد حصولها ، ولا يلزم (٦) تجويز الكبائر قبل النبوة
__________________
(١) سقطت من أ ، ب.
(٢) في الأصل : منه.
(٣) أ : ولا يقدح.
(٤) ب ، ح : حظ.
(٥) سقطت من ح.
(٦) ح : ثم يلزم.