كذلك لم نأمن ان يكون من فعل غير الله وقد بينا انه لا بد ان يكون من فعله. وسوينا بين تعذره في جنسه وصفته لأن تعذر (١) الجنس انما دل من حيث كان ناقضا للعادة لا من حيث كان مختصا به تعالى ، وكذلك إذا كان متعذرا وإن كان جنسه (٢) مقدورا تصديقا لهذا المدعي.
وانما يعلم كونه خارقا للعادة بالرجوع الى العادات المستقرة المستمرة وذلك معلوم عند العقلاء فاذا انتقضت بذلك لم يخف (٣) على أحد. ألا ترى ان أحدنا لا يشك في طلوع الشمس من مشرقها ، ولا يعرفون خلقا ولد إلا من وطئ ، فاذا شاهدوا طلوعها من مغربها أو خلق حي من غير وطئ (٤) ذكرا أو انثى علموا انه خارق للعادة. وعلى هذا افتتاح العادات لا يكون عادة (٥).
ومتى خلق الله تعالى خلقا ابتداء من مصلحته معرفة الشرائع ولم يعرف العادات لم يحسن ان يكلف حتى يبقيه غير مكلف زمانا يعتبر فيه العادات فاذا عرفها حينئذ كلفه وبعث إليه من يمكنه ان يستدل على صدقه بانتقاض ما عرف من العادات قبل تكليفه.
والعادة قد تكون عامة ، وقد تكون خاصة ، وقد تكون في بعض البلاد دون بعض.
__________________
(١) أ ، ب : تقدير.
(٢) كذلك في أ ، ب.
(٣) ح : يجب.
(٤) سقطت من ب ، ح.
(٥) كذا في الأصل ، ولعله (خرق عادة).