واعتبرنا كونه من فعل الله لأن المدعي إذا ادعى ان الله يصدقه بما يفعله فيجب ان يكون الفعل الذي قام مقام التصديق من فعل من طلب منه التصديق وإلا لم يكن دالا عليه وفعل المدعي كفعل غيره من العباد لأنه لا يدل على التصديق وانما يدل فعل من ادعي عليه التصديق.
فان قالوا : أليس لو كان القرآن من فعل (١) النبي (ص) لدل على صدقه وكذلك نقل الجبال وطفر البحار يكون معجزا وان كان جميع ذلك من فعل المدعي للنبوة.
قلنا : لو كان القرآن من فعله وخرق العادة بفصاحته ، لكان المعجز في الحقيقة اختصاصه بالعلوم التي تأتى منه بها هذه الفصاحة وتلك العلوم من فعل الله تعالى. وكذلك طفر البحر ونقل الجبل انما يكون المعجز اختصاصه بالقدر التي خلقها الله تعالى فيه التي يتمكن (٢) بها من ذلك ، وتلك من فعله ، فلم يخرج عما قلناه. هذا على مذهب من يقول بالصرفة ، فأما من يعتبر مجرد (٣) خرق العادة فقط فانه يقول ان ذلك الكلام الخارق للعادة أو حمل الجبال هو المعجز لأنه لو لم يكن كذلك لما أمكن (٤) الله تعالى منه.
وإنما اعتبرنا ان يكون متعذرا في جنسه أو صفته لأنا متى لم نعلمه
__________________
(١) أ ، ب : من قبل.
(٢) ح : يمكن.
(٣) سقطت من أ.
(٤) ب ، ح : مكن.