فان اتى بما يوافق (١) العقل ففيه كفاية ، وان اتى بما يخالف العقل لا يلتفت إليه لأنه قبيح بالاتفاق ، باطل.
لأنا نقول : الشرع لا يأتي الا بما يوافق العقل على طريق الجملة لا على طريق التفصيل وتفصيله لا يمكن معرفته بالعقل فيبعث الله تعالى نبيا ليعرفنا تفصيل ذلك. وأما (٢) ما يعلم مفصلا بالعقل فلا يحتاج الى بعثة الأنبياء فيه ، وانما قلنا ذلك لأن العقل دال على وجه الجملة على ان ما دعا الى فعل واجب مثله ، وما صرف عن قبيح يجب فعله وما يدعو الى قبيح أو اخلال بواجب يجب تجنبه. واذا كان هذا معلوما جملة ويحصل ذلك في بعض الأفعال التي لا يعلم بالعقل كونه كذلك ويجب إعلامنا ذلك ولا يتم ذلك إلا ببعثة رسول على ما بيناه.
وانما كان يكون منافيا لما في العقل لو (٣) نفى السمع ما أثبته العقل أو اثبت ما نفاه والأمر بخلافه. ومثل ذلك ما نعلمه عقلا من (٤) وجوب دفع المضار عن النفس وقبح الظلم (٥) على طريق الجملة ثم يرجع في حصول بعض المضار في كثير من الأفعال إلى التجربة والعادات أو الى الخبر فلا تكون بذلك مخالفين لما في العقل وكذلك القول في السمع.
__________________
(١) ح : بما يوافقه فالعقل فيه كفاية.
(٢) ح : فأما.
(٣) ح : أو.
(٤) سقطت من الأصل.
(٥) أ ، ب : قبح القبيح.