ما ليس تركه إيمانا ، وأيضا لو كانت كل طاعة ايمانا لم يكن أحد كامل الإيمان لا الأنبياء ولا غيرهم لأنهم يتركون كثيرا من النوافل بلا خلاف ، وعندهم يتركون من الواجبات (١) أيضا ما يكون صغيرا. وأيضا قال الله تعالى (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ) (٢) وقال (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) (٣) وقال (وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحاتِ) (٤) وذلك يدل على أنه يكون مؤمنا وإن لم يعمل الصالحات من أفعال الجوارح ، والمعتمد ما قدمناه. وما يتعلق به المخالف قد بيناه في شرح الجمل فلا نطول بذكره هاهنا.
وأما الكفر فقد قلنا أنه عند المرجئة من أفعال القلوب ، وهو جحد ما أوجب الله معرفته مما عليه دليل قاطع كالتوحيد والعدل والنبوة وغير ذلك. وأما في اللغة فهو الستر أو الجحود. وفي الشرع عبارة عما يستحق به العقاب الدائم الكثير ويلحق بفاعله (٥) احكام شرعية كمنع التوارث والتناكح.
والعلم بكون المعصية كفرا طريقه السمع لا مجال للعقل فيه لأن مقادير العقاب لا تعلم عقلا. وقد أجمعت الأمة على أن الإخلال بمعرفة
__________________
(١) ب ، ح : الواجب.
(٢) الانعام : ٨٢.
(٣) الانفال : ٧٢.
(٤) طه : ٧٥.
(٥) ب : لفاعله.