والثاني : ان تعارض هذه الآيات بآيات مثلها ، تتضمن القطع على الغفران. كقوله (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ، وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) (١) وقوله (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ) (٢) وقوله (إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً) (٣) وغير ذلك.
وثالثها : ان نبين أن الآيات متروكة الظاهر. وإنهم «شرطوا فيها كثر المعصية وعدم التوبة ، فاذا» (٤) شرطوا هذين الشرطين شرطنا ثالثا (٥). وهو من لا يعفو عنه ابتداء أو بالشفاعة ويسلم باقي عمومها. ووجه المعارضة بقوله «إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك» أنه تعالى لم ينف غفران الشرك على كل حال ، بل نفي ان يغفره تفضلا ، فكأنه قال لا يغفر ان يشرك به تفضلا بل استحقاقا ، فيجب ان يكون المراد بقوله ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ، أي يغفره بغير استحقاق بل تفضلا ، لأن موقع الكلام الذي يدخله النفي والاثبات وينضم (٦) إليه التعظيم والدون ان يخالف الثاني الأول. ألا ترى انه لا يحسن ان يقول القائل أنا لا أركب إلى الأمير
__________________
(١) النساء : ٤٨.
(٢) الرعد : ٦.
(٣) الزمر : ٥٣.
(٤) الجملة ساقطة من أ ، ب.
(٥) ب : شرطا ثالثا.
(٦) ح : ويتضمن.