والآية الثانية
إنما نفى فيها ان يكون للظالمين أنصار ، والنصرة غير الشفاعة. لأن النصرة هي الدفع
عن غيره على وجه الغلبة والشفاعة هي مسئلة يقترن بها خضوع وخشوع.
وقوله (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) فمعناه ارتضى ان يشفع فيه. ونظيره قوله (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ
إِلَّا بِإِذْنِهِ) . وقوله (لا تُغْنِي
شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللهُ لِمَنْ يَشاءُ
وَيَرْضى) وليس هذا تركا للظاهر لأن المرتضى محذوف بلا خلاف. فهم
يقدرون إلا لمن ارتضى أفعاله ، ونحن نقدر إلا لمن ارتضى ان يشفع فيه ، فاستوى
التقديران. وسقطت المعارضة بها. على ان الفاسق الملي يجوز ان يكون مرتضى بمعنى ارتضى إيمانه ، وكثيرا من طاعاته ، كما يقال هذا
البناء مرتضى عندي. يريدون في البناء دون غيره من أفعاله.
وقوله (لا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ) متروك الظاهر ، لأن عند الجميع هاهنا شفاعة نافعة مقبولة ،
فان منعوا من نفعها في اسقاط الضرر منعنا من نفعها في زيادة المنافع. أو نقول لا
تقبل الشفاعة ، ولا تنفع الشفاعة للنفس الكافرة. فأما حسن رغبتنا في ان يجعلنا
الله تعالى من أهل
__________________