والذي يدل على أن (١) حقيقتها ما قلناه ، أنها لو كانت حقيقة في زيادة المنافع لكان الواحد منا إذا سأل الله تعالى أن يزيد في كرامات (٢) النبي (ص) ورفع درجاته ان يكون شافعا فيه واحد من المسلمين لا يطلق ذلك لا لفظا ولا معنى.
وليس لأحد ان يقول إنما لم يطلق ذلك لأن الشفاعة يراعى فيها الرتبة كما يعتبر في الأمر والنهي وذلك ان الخطاب على ضربين : أحدهما : تعتبر فيه الرتبة والآخر لا تعتبر فيه. فما تعتبر فيه الرتبة بين (٣) المخاطب والمخاطب دون ما يتعلق به الخطاب لأن الواحد منا يقول لغلامه الق الأمير والق الحارس ، ويكون آمرا في الحالين. وإن كان من يتعلق به الأمر أحدهما عالي الرتبة والآخر دني الرتبة.
وكذلك لو اعتبر في الشفاعة الرتبة لوجب اعتبارها بين السائل والمسئول دون من تناوله الشفاعة.
وليس لهم أيضا ان يقولوا إنما لم يطلق ذلك لأنا لا نعلم ان سؤالنا فيه مجاب على كل حال وذلك ان هذا باطل. لقولهم (٤) شفاعة مقبولة وشفاعة مردودة فيسمونها شفاعة سواء قبلت أو ردت. وأيضا فكل خطاب تعتبر فيه الرتبة لا يدخل بين الإنسان وبين نفسه ، كالأمر والنهي ، ويصح ان يكون الإنسان شافعا لنفسه كما قال الشاعر :
__________________
(١) ليس في الأصل.
(٢) ح : كمالات.
(٣) ب ، أ : تعتبر بين.
(٤) ب ، ح : بقولهم.