يتركوا له المشتهيات العاجلة.
قلنا : يخرج من الاغراء بتجويزه استحقاق العقاب على فعل القبيح والاخلال بالواجب دون القطع عليه ، كما يخرج بالتجويز عن الاغراء في زمان مهلة النظر. لأنه لا طريق له هناك (١) إلى القطع على استحقاق العقاب.
وقيل أيضا : إنه يخرج عن الاغراء بفوت المنافع إذا فعل القبيح لأنه يعلم انه يفوته الثواب بفعل القبيح والاخلال بالواجب وفوت المنافع يجري مجرى حصول المضار في باب الزجر.
والمستحق للعقاب هو الله تعالى دون العباد ، لإجماع الأمة على ان الله هو المستحق ، مع انا بينا أن نفس استحقاق العقاب لا يعلم عقلا ، وكيف يعلم من المستحق له؟
ولو استحق بعضنا على بعض العقاب لكان ذلك عاما في العقلاء وكان يجب ان يستحق عقاب فاعل القبيح جميع العقلاء ، وكل من يمكن خلقه حتى لا يستقر على قدر ، وليس لأحد أن يقول : يختصر الاستحقاق بالمساء إليه وذلك ان العقاب إنما يستحق لكونه قبيحا كما يستحق الذم لذلك ، وإذا كان استحقاق الذم شائعا وجب ان يكون استحقاق العقاب شائعا وقد بينا فساده. على ان العقاب يستحق بما ليس بإساءة من القبائح كالجهل والعبث والكذب وغير ذلك فلا يمكن في ذلك الاختصاص.
__________________
(١) ح : الى هناك.