وأما العقاب : فيستحق بما يستحق به الذم من فعل القبيح والاخلال بالواجب بشرط ان يكون فاعل القبيح ، والمخل بالواجب اختاره على ما فيه منفعته ومصلحته من فعل الواجب أو الاخلال بالقبيح.
واعتبرنا هذا الشرط لئلا يلزم ان يستحق القديم تعالى العقاب ان فرضناه فاعلا للقبيح أو مخلا بالواجب يتعالى الله عن ذلك.
ومن شرط من يستحق منه العقاب ان يكون عالما بقبح القبيح ، ووجوب الواجب ، أو متمكنا من العلم بذلك. لأنه مع كل واحد من الأمرين يمكنه التحرز منه ، «والعقل لا يدل عندنا على استحقاق العقاب» (١) وإنما نعلم ذلك سمعا ، واجمع المسلمون على ان القبيح يستحق به العقاب وإن اختلفوا في دوامه وانقطاعه.
وقال أكثر أهل العدل ان العقل (٢) دال على استحقاق فاعل القبيح والمخل (٣) بالواجب العقاب. قالوا : لأن الله تعالى أوجب علينا الواجبات على وجه يشق علينا مع إمكان تعريه من المشقة.
وعرضنا للمشقة للثواب العظيم ، ومجرد النفع لا يحسن له إيجاب الفعل ، وإنما يؤثر في إيجابه حصول الضرر في الاخلال به فيجب من ذلك ان يكون فاعل القبيح والمخل (٤) بالواجب مستحقا لضرر عليه وهو العقاب.
__________________
(١) الجملة ساقطة من أ ، ب.
(٢) أ : العدل.
(٣) في الأصل : الاخلال.
(٤) في الأصل : الاخلال.