هو الله تعالى وجب ان يستحق الثواب عليه دون غيره. واذا ثبت استحقاق الثواب فليس في العقل ما يدل على انه يستحق دائما وإنما يرجع في ذلك الى السمع واجمعت الأمة على ان الثواب يستحق دائما لا خلاف بينهم فيه ، وكل دليل يستدل به على دوام الثواب عقلا فهو معترض قد ذكرنا الاعتراض عليه في شرح الجمل لا نطول بذكره هاهنا.
وجملته أنهم قالوا الثواب يستحق بما يستحق به المدح وإذا كان المدح يستحق دائما وجب في الثواب مثله وقوى ذلك بان قالوا ما أزال المدح ازال الثواب ، فدل على ان جهة الاستحقاق واحدة.
فاذا كان أحدهما دائما وجب ان يكون الآخر مثله ، وهذا غير صحيح. لأنا لا نسلم ان جهة الاستحقاقين واحدة ، ألا ترى ان القديم يستحق المدح بفعل الواجب ، والتفضل ، وإن لم يستحق الثواب. «ولو فعل أحدنا الواجب على وجه لا يشق عليه لاستحق المدح ، وإن لم يستحق الثواب» (١) ، لأن الثواب يستحق بالمشقة والمدح يستحق بوجه الوجوب ، فكيف يستحقان على وجه واحد.
ومتى قيل المشقة شرط ، والوجه كونه واجبا أو ندبا ، قيل بعكس ذلك. ولقائل ان يقول الوجه هو المشقة وكونه واجبا شرط (٢). ثم يقال : ولم إذا تساويا في الشرط والوجه وجب أن يتساويا في الدوام؟
__________________
(١) الجملة بطولها سقطت من أ ، ب.
(٢) سقطت من أ ، ب :