عليه فيه مشقة ، ولو لا المشقة لجاز ان يستحق المدح والثواب على فعل اللذات والمنافع والمعلوم خلافه. وأيضا لو لم يعتبر حصول المشقة في استحقاق الثواب للزم ان يستحق القديم تعالى الثواب اذا فعل الواجب أو التفضل ، ولم يفعل القبيح ، وذلك باطل.
والدليل على ان الفعل الشاق من الواجب والندب يستحق به الثواب هو انه لا فرق في العقول بين الزام المشاق وبين ادخال المضار فلما كان الزام المضار لا يحسن إلا للنفع ولا بد في ذلك النفع من ان يكون عظيما وافرا حتى يحسن الزام المشاق لأجله ، ولا يجوز ان يكون ذلك النفع مدحا ولا عوضا لأن نفس المدح ليس بنفع ، وانما ينتفع بالسرور الذي يتبعه ، وما يتبعه من السرور لا يبلغ الحد الذي يقابل ما في فعل الواجب والامتناع من القبيح من المشاق العظيمة ، وذلك معلوم ضرورة على ان السرور هو اعتقاد وصول المنافع إليه في المستقبل سواء كان علما أو ظنا أو اعتقادا ، ومتى دفعنا (١) المنافع عن أوهامنا فلا سرور يعقل.
وأما العوض : فهو حال من تعظيم وتبجيل ويحسن الابتداء بمثله ، ومن حق ما يستحق على الطاعة ان يقارنه التعظيم على ان من حق العوض ان يستحق بفعله من يستحق عليه العوض. وهذا لا يصح هاهنا لأن الطاعة من فعلنا ، والثواب يستحق عليه تعالى ولا يجوز ان يكون المستحق عوضا ، واذا كان الملزم للواجب ، وجاعله شاقا
__________________
(١) ب ، ح : رفعنا.