لأنه إذا جاز ان يتساويا في هذين مع اختلافهما في الجنس جاز ان يختلفا أيضا في الدوام والانقطاع ، وقولهم ما ازال احدهما ازال الآخر لا نسلمه ، لأن عندنا لا يزيل ما يستحق منها شيء على وجه ، على ما نبينه في بطلان التحابط. وهذا أقوى دليل استدلوا (١) به. وما عداه من أدلتهم ذكرناه حيث (٢) أومأنا إليه لا نطول بذكره هاهنا.
وأما الذم : فانه يستحق بفعل القبيح والاخلال بالواجب ، «لأن ما عدا ذلك من أفعال المكلف من الواجب» (٣) والندب والمباح لا يستحق به ذم على حال.
ولا يستحق فاعل القبيح والمخل بالواجب الذم إلا بعد ان يكون متمكنا من التحرز منه بان يكون عالما بقبح القبيح ، ووجوب الواجب أو متمكنا من العلم بقبحه. ومن الناس من قال لا يستحق الذم إلا على فعل وادعوا (٤) ان من أخل بواجب لا بد ان يكون فاعلا لترك قبيح يستحق به الذم لأنهم حدوا الواجب بأنه ماله ترك قبيح ، وهذا غير صحيح لأن حد الواجب هو ما يستحق (٥) بالاخلال به الذم على بعض الوجوه ، لأن قبح الترك تابع لوجوب الواجب (٦) ، فوجوب الواجب هو الأصل. وما ذكروه يؤدي الى ان يتعلق وجوبه بقبح
__________________
(١) أ : يستدل.
(٢) في الأصل بحيث.
(٣) سقطت من أ ، ب.
(٤) أ : واو عن.
(٥) أ ، ب : هو المستحق.
(٦) أ ، ب : وجوب الوجوب.