ولا يلزمنا اذا جوزنا موتها مثل ذلك لأن بالتجويز لا يخرج عن كونه مسيئا ، وانما بالقطع يخرج ويجري ذلك مجرى تجويزنا فيمن سلب مال غيره وغصبه إياه ان يكون الفقر أصلح له في دينه من الغنى ، ولا يقتضي تجويزنا ذلك حين سلب المال لأجل التجويز.
وكذلك لا ينبغي ان يقطع على انه لو لم يقتل لعاش لا محالة ، لأنه لا يمتنع انه لو لم يقتل لاقتضت المصلحة إماتته ، والشك (١) هو الغرض ، ولا يخرج هذا التجويز القاتل من كونه ظالما لأنه ادخل ضررا غير مستحق على غيره ، لا لدفع ضرر ، ولا لاجتلاب نفع ، وهذا حقيقة الظلم.
والقديم تعالى اذا أماته لا يقطع على انه أدخل عليه ألما ، ومتى أدخله عوضه عوضا يخرجه عن كونه ظلما ، وليس كذلك اذا قتلناه لأن ذلك الألم قبيح لا محالة ، والعوض الذي ينتصف الله منه في مقابلته بقدر لا يخرجه من كونه ظلما. فان قيل فمن قتل خلقا عظيما أو ذبح غنما كثيرة في حالة واحدة هل تجوزون (٢) موتهم في حالة واحدة أو بقائهم؟ فان أجزتم في حالة واحدة فالعادة بخلاف ذلك. وإن لم تجيزوا بطل قولكم في التجويز.
فلنا : لا يجوز ان يتفق قتل الخلق العظيم في وقت يعلم الله تعالى ان الصلاح اخترام جميعهم لو لا القتل ، وليس ذلك بمبطل (٣) لما
__________________
(١) ح : فالشك هو المعرض.
(٢) ح : فهل يجوزون.
(٣) أ ، ب : فبطل لما قلنا.