ضربين : احدهما : يحصل متولدا عن نظر. والآخر : يحصل من غير نظر. فما يحصل من (١) نظر فسنذكر أوصافه.
والثاني : نحو (٢) ما يفعله المنتبه من نومه وقد كان عالما بالله وصفاته فاذا انتبه (٣) وتذكر نظره فعل اعتقادا لما كان له معتقدا فيكون ذلك الاعتقاد علما ولا بد ان يفعل هذا الاعتقاد عند التذكر لأنه ملجأ الى فعله ولا يمكن ان يكون واقعا عن نظره ، لأنه لو كان كذلك لترتب (٤) ، فحسن ترتب النظر في زمان متراخ والمعلوم خلافه ، والعلوم الكسبية من فعلنا لوجوب وقوعها بحسب دواعينا وأحوالنا ففارقت بذلك العلوم الضرورية التي تحصل من فعل الله تعالى.
وسكون النفس الذي اعتبرناه هو ما يجده الانسان من نفسه عند العلم بالمشاهدات وإنه لا يضطرب عليه ولا يشك فيه ، وإن كان طريقه الاستدلال أمكنه حل كل شبهة تدخل عليه فأما ما يحكى عن السوفسطائية من الخلاف فيه فلا اعتبار به لأن المعلوم ضرورة خلاف قولهم. على أن القوم انما خالفوا في صفة العلم ، فظنوا ان ذلك ظن ، وحسبان. دون ان يكون ذلك علما ويقينا ، والعلم بالفرق بين العلم والظن طريقه
__________________
(١) ح : عن.
(٢) ح : فنحو.
(٣) أ : فانتبه.
(٤) ح : لترتبت.