والذي يدل على ان الألم يحسن (١) إذا كان فيه نفع يوفي عليه ما نعلمه ضرورة من حسن اخراج ما نملكه من المتاع والعقار بعوض إذا غلب في ظنوننا ان النفع بالعوض أكثر منه ، وإنما حسن تفويت المنافع بما يخرجه لأن النفع الذي يحصل بالعوض لا يختلف العقلاء في حسن ذلك. ووجه حسن هذا الألم هو علمه بماله فيه من النفع أو ظنه دون حصول النفع فيه بدلالة انه لو كان فيه نفع ولم يعلم ان فيه نفعا ولا ظنه (٢) لما حسن منه تحمل هذا الألم. وإذا علم ذلك أو ظنه (٣) حسن فعلم ان وجه حسنه ما قلناه.
ولا يلزم ان يكون الظلم حسنا لما فيه من العوض لأنا نعتبر ان يكون النفع موفيا عليه ويكون مقصودا وما هو في مقابلة الظلم انما يفعله الله ويأخذه من الظالم على وجه الانتصاف لا يكون موفيا عليه. بل بحسب الألم. وأيضا فالظالم لم يقصد نفع المظلوم فلم يحصل القصد أيضا. والمعلوم (٤) ضرورة حسن تحمل ألم الاسفار طلبا للأرباح وتحمل المشاق في طلب العلم لمكان حصول العلم ، فعلم ان تحمل الألم بحسب النفع.
وأما الذي يدل على ان الألم يحسن لدفع ضرر أعظم منه ما يعلم ضرورة من حسن عدونا على الشوك هربا من السبع أو النار أو خوفا
__________________
(١) أ : لم يحسن.
(٢) زاد في أ ، ب : دون حصول.
(٣) زاد في أ ، ب : فيه.
(٤) ح : فالمعلوم.