لأنه أقدم على ما يستحق به العقاب ، وقد نهاه الله تعالى وحذره وتوعّده عليه ، ورغبه في خلافه. فهو الذي ضر نصيبه دون الذي كلفه. بل مكلفه نفعه بغاية النفع من حيث عرضه لمنافع لا تنال إلا بفعل ما كلفه وحثه على ذلك ويدل على حسن ذلك أيضا انه قد ثبت حسن تكليف من علم الله انه يؤمن ، وقد فعل الله تعالى بالكافر جميع ما فعله بالمؤمن ، من إقداره ، وخلق الشهوة فيه والنفار ، ونصب الأدلة ، وخلق العلم والتمكين ، وغير ذلك من الشرائط التي تقدم ذكرها. فينبغي أن يكون تكليفهما جميعا حسنا أو قبيحا. فاذا حكمنا بحسن تكليف من علم الله انه يؤمن وجب مثل ذلك في تكليف من علم انه يكفر.
فأما (١) من منع حسن التكليف أصلا فلا يكلم في هذه المسألة ، بل يكلم فيما تقدم من الكلام في حسن التكليف والفرق بين التكليفين لا يرجع الى اختيار الله ، بل الى اختيار المؤمن الايمان (٢) فيحصل نفعه ، واختيار الكافر الكفر فاستضر به ، فأتي في ذلك من قبل نفسه.
ويدل أيضا على حسن تكليف من علم الله أنه يكفر ويموت على كفره انه لو لم يحسن ذلك لوجب ان يكون للمكلف طريق الى العلم بقبح ذلك ، ولو علم قبحه لوجب ان يكون قاطعا على انه لا يخرج
__________________
(١) ح : واما.
(٢) ح : للايمان.