إلا ترى أن الواحد منا يصح أن يريد من جميع الكفار الايمان ، وإن علم ان جميعهم لا يؤمن ، وأيضا ، فان النبي (ص) كان يريد من أبي لهب الايمان ، وإن كان الله تعالى أعلمه أنه لا يؤمن وأيضا ، فقد يريد الواحد منا من الغير تناول طعامه وإن غلب في ظنه انه لا يتناوله. وما يستحيل مع العلم يستحيل مع الظن على حد واحد. والمعلوم أن ذلك لا يستحيل مع الظن فيجب أن لا يستحيل مع العلم. فأما من قال أن ذلك ممكن. غير أنه لا يحسن ، فالذي (١) يدل على بطلان قوله ما قدمناه من ان التكليف تعريض لنفع لا ينال إلا به ، والتعريض للشيء في حكم إيصاله. وان كل من حسن منه التوصل الى أمر من الأمور حسن من غيره تعريضه له اذا انتفت عنه وجوه القبح. وعكسه كل شيء يقبح لنا التوصل (٢) له يقبح من غيرنا تعريضنا له أيضا. ونحن نعلم أنه يحسن من الواحد منا التعرض للثواب والتوصل إليه بفعل ما يستحق به ذلك ، فيجب أن يحسن منه تعالى تعريضه له. فاذا حسن منا التعرض (٣) لمنافع منقطعه من أرباح التجارات بتكليف المشاق والأسفار وحسن من غيرنا أن يعرضنا لها ، فيجب أن يحسن التعرض للمنافع الدائمة والتعريض لها.
والكافر إنما استضر في ذلك بفعل (٤) نفسه ، وسوء (٥) اختياره ،
__________________
(١) في ب : والذي.
(٢) في أ ، ب : التعريض.
(٣) ح : ان يتعرض.
(٤) أ ، ب : لذلك في فعل.
(٥) أ ، ب : وهو.