وإن كان المعلوم أنه يولم لمصلحته أو مصلحة غيره فهو منفوع أيضا بالعوض فتجتمع فيه الوجوه الثلاثة ، وغير ذلك المكلف منفوع بالتفضيل (١) قطعا ، وبالعوض ان كان في إيلامه مصلحة لغيره من المكلفين.
واذا كان وجه حسن الخلق ما فيه من النفع ، فينبغي أن يكون أول ما يخلقه الله تعالى حيا (٢) ، لأن النفع لا يصح إلا على الحي. ولا بد أن يخلق فيه شهوة لمدرك يدركه فيلتذ به سواء كان هو أو غيره. ويجوز أن يبتدئ الله تعالى بخلق الجماد ، اذا علم انه يخلق فيما بعد حيا مكلفا يكون من لطفه اختياره خلق الجماد قبله. فان لم يكن ذلك معلوما لم يحسن الابتداء بخلق الجماد. ونحن نعود الى ما وعدنا به من اعتبار شرائط حسن التكليف.
أما صفات المكلف : ـ
فيجب أن يكون حكيما ، مأمونا منه فعل القبيح ، والاخلال بالواجب. ليعلم انتفاء وجه القبح عن هذا التكليف ، وقد مضى بيان (٣) ذلك في باب العدل.
ويجب أن يكون قادرا على الثواب الذي عرض بالتكليف له ، وعالما بمبلغه ، وقد بينا انه قادر لنفسه وعالم لنفسه ، ولا بد أن يكون
__________________
(١) في ح : بالتفضل.
(٢) سقط من أوب.
(٣) ساقط من أ.