بيان المقام الأول من وجهين :
الأول : أن كل موضع اختص بخاصية لا تحصل فى سائر المواضع ، كان ذلك الموضع متميزا بالفعل عن سائر المواضع. وكل نقطة يمكن فرضها فى خط ، فان تلك النقطة مختصة بخاصية ممتنعة الحصول فى سائر النقط ، فيلزم أن تكون كل واحدة من النقط التى يمكن فرضها فى الخط ، ان تكون حاصلة بالفعل.
وجميع مقدمات هذه الحجة جلية ، الا قولنا : ان كل واحدة من النقط التى يمكن فرضها فى الخط ، فانها تختص بخاصية لا توجد فى سائر النقط التى يمكن فرضها.
والدليل عليه : ان كل خط فان مقطع النصف منه موضع معين ، ويستحيل أن يكون غير تلك النقطة موضع النصف. وكذا القول فى مقطع الثلث ومقطع الربع. فانك ان زدت على مقطع الثلث شيئا ، أو نقصت منه شيئا ، لم يكن ذلك مقطع الثلث بل مقطعا آخر ، وكذا القول فى جميع المقاطع التى لا نهاية لها. فان لكل واحد منها موضعا ، لا يمكن أن يزاد عليه أو ينقص منه. فثبت : أن كل نقطة يمكن فرضها فى هذا الخط ، فانها مختصة بخاصية يمتنع حصولها فى سائر النقط الممكنة الفرض فى هذا الخط. فثبت : أنه لو كان الخط قابلا لانقسامات لا نهاية لها ، لكانت تلك الانقسامات حاصلة فيه بالفعل.
الوجه الثانى فى تقرير هذه المقدمة : انا اذا أشرنا الى جسم بسيط ، فان صريح العقل يشهد بأن هذا النصف منه مغاير للنصف الآخر منه.
اذا عرفت هذا ، فنقول : هذان النصفان قبل اشارتنا إليهما. اما أن يقال : كانا موجودين (أو كانا موجودين ، فان كانا موجودين (٦))
__________________
(٦) ما بين القوسين : سقط ب