فهما كانا اثنين. وهذان الجزءان ، كانا موجودين بالفعل.
ثم ننقل الكلام الى نصف كل واحد من ذينك النصفين. الى آخر الانقسامات الممكنة.
فيلزم أن يقال : ان بحسب الانقسامات الممكنة يحصل فى الجسم أجزاء بالفعل. وهو المطلوب. وأما أن قلنا بأن هذين الجزءين اللذين نشير إليهما ما كانا موجودين قبل اشارتنا إليهما ، بل هذان الجسمان انما حدثا عند اشارتنا إليهما ، فيلزم أن يقال بأن ذلك الجسم الّذي كان قبل اشارتنا إليه واحدا ، صار ثانيا عند هذه الاشارة. وحدث عند هذه الاشارة هذان النصفان.
وهذا يقتضي أن يقال : الأجسام توجد وتعدم ، بحسب تغير أحوال الاشارات. وهذا يقتضي أن هذا السموات والأرضين والجبال والبحار ، تعدم وتوجد فى كل يوم ألف ألف مرة ، بحسب اشارات المشيرين وتوهمات المتوهمين. ومعلوم أن هذا لا يليق بالعقلاء. فثبت بما ذكرناه : أن كل شيء يقبل الانقسام ، فان تلك الانقسامات كانت موجودة فيه بالفعل قبل التقسيم. فظهر : أن التقسيم عبارة عن تفريق المتجاورين ، كما يقوله المتكلمون. فثبت : أن الجسم لو كان قابلا لانقسامات لا نهاية لها ، لكانت تلك الأجزاء التى لا نهاية لها ، موجودة فيه بالفعل.
وأما المقدمة الثانية ـ وهى قولنا : هذه الأجسام المتناهية فى المقدار ، يمتنع أن تكون مركبة من أجزاء غير متناهية فى العدد ـ فيدل عليه وجوه :
الأول : ان زيادة العدد اما أن توجب زيادة المقدار ، أو لا توجب. فان أوجبت لم يكن تألفها سببا لازدياد المقدار ، فلم تكن المقادير حاصلة