وأما القول بأنه يوجد (٦) من مسام الأعلى والأسفل. فهذا أيضا باطل. لأنا فرضنا الكلام فى سطحين لا شيء من المسام فيهما. وأيضا : فبتقدير حصول المسام ، الا أنه لا بد وأن يحصل بين كل منفذين من تلك الأجسام سطح متصل. فالشيء الّذي ينزل من المسام يكون حال كونه متصلا بطرف تلك الفرجة ، لا يكون حاصلا فى وسط السطح المتوسط فيما بين الفرجتين ، فيكون ذلك الوسط خاليا لا محالة. فثبت : أن القول بالخلاء لازم على كل التقديرات.
واعلم : أن هذه الحجة لا يمكن الجواب عنها ، على أصول الفلاسفة ، الا أن على أصول الاسلاميين ، عليها سؤال. وهو أن يقال : لم لا يجوز أن يقال : ان فى أول وقت رفع أحد السطحين عن الآخر ، يخلق الفاعل المختار فيما بينهما جسما؟ وعلى هذا التقدير لا يحصل الخلاء البتة.
* * *
أما نفاة الخلاء. فقد احتجوا بوجوه :
الحجة الأولى : ان كل خلاء ، فانه قابل للتقدير والمساواة والمفاوتة. بدليل : أن الخلاء الحاصل بين طرفى الطاس ، أقل من الخلاء الحاصل بين جدارى البلد ، والخلاء الحاصل بين جدارى البلد ، أقل من الخلاء الحاصل بين السماء والأرض. فثبت : أن كل خلاء فهو قابل للمساواة والمفاوتة ، وكل ما كان كذلك ، امتنع أن يكون عدما محضا. لأنه لا يمكن أن يقال : هذا العدم نصف ذلك العدم أو ثلثه ، وأن ذلك العدم أضعاف هذا العدم. ولا يمكن أن يقال : العدم عشرة أذرع أو ألف ذراع. فالخلاء يمكن (٧) وصفه بهذه الأوصاف. فثبت : أن الخلاء لو حصل لكان موجودا قابلا للتقدير ،
__________________
(٦) يدخل : ب
(٧) لا يمكن : ا