خليفة له بعد موته
بتقدير أن يبقى. وانما قلنا : انه كان خليفة له حال حياته ، لقوله تعالى : (وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ ،
اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي) (الأعراف ١٤٢)
وانما قلنا : انه
لما كان خليفة له حال حياته ، وجب أن يكون خليفة له بعد موته. لأن هارون كان بحيث
لو بقى بعد وفاة موسى ، لكان خليفة له. لأنه لو لم يكن كذلك ، لاقتضى ذلك انعزال
هارون عن تلك الخلافة. وهذا الانعزال مشتمل على الاهانة والاذلال. وذلك لا يليق
بمنصب النبوة التى كانت حاصلة لهارون.
وثانيها : ان المنازل قسمان : منها ما حصل ، ومنها ما كونه بحيث لو
بقى لحصل له. مثاله للابن مع الأب حالتان : احداهما : اذا مات الأب أخذ الابن
ميراثه. والثانى : ما اذا لم يمت الأب بعد ، ففى هذه الحالة الابن ، وان لم يأخذ
ميراثه ، لكنه حصل للابن فى هذه الساعة ، كونه بحيث لو مات الأب ، لأخذ ميراثه.
فكونه فى هذه الحيثية ، وبهذه الحالة : حكم حاصل فى الحال.
اذا ثبت هذا فنقول
: ان هارون لما توفى قبل موسى عليهالسلام ، لم يصر خليفة له بعد وفاته. ولكنه كان بحال لو بقى بعد
موسى ، لكان خليفة له بعد موته. فكون هارون بهذه الحيثية وهذه الحالة ، صفة من
صفات هارون ومنزلة من منازله. وهى منزلة متحققة حاصلة فى الحال.
وثالثها : ان قوله عليهالسلام : «أنت منى بمنزلة هارون من موسى» يتناول جميع المنازل.
ويدل عليه وجهان :
الأول : لو كان
المراد منه منزلة واحدة ، مع أنها غير مذكورة ، لصار هذا الحديث مجملا. والاجمال
خلاف الأصل ، فوجب حمل اللفظ على كل المنازل دفعا للاجمال.
والثانى : انه عليهالسلام قال فى آخر هذا الحديث «الا أنه لا نبى