اذا ثبت هذا فنقول : الولى المذكور فى هذه الآية ، ليس بمعنى الناصر ، فوجب أن يكون بمعنى المتصرف. وانما قلنا : انه ليس بمعنى الناصر ، لأن الولى المذكور فى هذه الآية غير عام فى حق كل المؤمنين ، لأنه تعالى ذكره بكلمة «انما» وهى للحصر.
قال الشاعر :
ولست بالأكثر منهم حصى |
|
وانما العزة للكاثر |
وأما الولاية بمعنى النصرة فهى عامة فى حق كل المؤمنين ، بدليل قوله تعالى : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ ، بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) ويلزم من صحة هاتين المقدمتين : القطع بأن الولاية المذكورة فى هذه الآية ليست بمعنى النصرة. واذا بطل هذا المعنى ، وجب أن يكون المراد من الولاية المذكورة فى هذه الآية : التصرف. فصار معنى الآية : انما المتصرف فيكم أيها الأمة هو الله ورسوله والمؤمنون الموصوفون بكذا وكذا. والمتصرف فى كل الأمة هو الامام. فثبت : أن هذه الآية دالة على إمامة شخص معين.
واذا ثبت هذا فنقول : وجب أن يكون ذلك الشخص هو على رضى الله عنه. ويدل عليه وجهان :
الأول : ان الأمة فى هذه الآية على قولين : منهم من قال : انها لا تدل على إمامة أحد منهم. ومنهم من قال : انها تدل على إمامة على بن أبى طالب. وليس فى الأمة أحد يقول انها تدل على إمامة غيره. فلما ثبت دلالتها على أصل الامامة ، وجب دلالتها على إمامة على بن أبى طالب ، اذ لو دلت على إمامة غيره ، كان ذلك قولا ثالثا خارقا للاجماع. وهو باطل.
الثانى : انه اتفق أئمة التفسير على أن المراد بقوله تعالى : (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ. وَهُمْ راكِعُونَ) هو على بن أبى طالب. ولما دل قوله : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا) الموصوفون بكذا