فسقه. ومتى صدق عليه أنه ليس بمرتضى بحسب فسقه ، صدق عليه أنه ليس بمرتضى بعين ما ذكرتم ، وحينئذ يكون داخلا تحت النفى.
الثانى : انا نحمل الآية على أن المراد (لا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) الله شفاعته ، بدليل قوله تعالى : (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) (البقرة ٢٢٥) وقوله تعالى : (لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) (الأنبياء ٢٧) فلم (١) قلتم : ان الله ارتضى شفاعة بالفاسقين وهذا (٢) أول المسألة.
والجواب عن الأول : انه ثبت فى العلوم العقلية : أن المهملتين لا يتناقضان. كقوله زيد عالم. وزيد ليس بعالم. لا يتناقضان. لاحتمل أن يكون المراد عالما بالفقه ، وغير عالم بالكلام. فكذا قولنا : الفاسق مرتضى والفاسق ليس بمرتضى. لا يتناقضان. لأنه مرتضى بحسب ايمانه غير مرتضى بحسب فسقه.
اذا ثبت هذا فنقول : لا شك أن الفاسق مرتضى بحسب ايمانه ، وثبت أنه متى صدق أنه مرتضى بحسب ايمانه ، وجب أن يصدق عليه أنه مرتضى. والمستثنى هو هذا القدر وكل من صدق عليه هذا القدر ، وجب أن يكون داخلا فى الاستثناء وخارجا من المستثنى منه. ويلزم من هذا ، أن يقال : الفاسق من أهل الشفاعة.
والجواب عن الثانى : ان كون الشافع مأذونا لأنه يشفع لأحد الشخصين دون الآخر ، لا بدّ أن يكون لامتياز ذلك الشخص عن الشخص الثانى ، بصفة مرضية وأفعال حسنة مقبولة. فيكون الأصل والعمدة فى الباب انما هو صدور الأفعال المرضية عن المشفوع له. وحمل اللفظ على المعنى الأصلي ، أولى من حمله على المعنى العرضى المعتبر على سبيل التبع. واذا كان كذلك ، كان قوله : (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) معناه :
__________________
(١) فان : ا
(٢) فهذا : ا