ذلك الزمان. ولما كانت منافسة أهل زمانه بالمال والجاه ، لا جرم طلب مملكة فائقة على جميع الممالك ، لتكون مملكته ، معجزة له.
وثانيها : انه عليهالسلام لما مرض ثم رجع الى الصحة ، عرف أن خيرات الدنيا منتقلة عنه الى غيره بعد موته ، بسبب الارث ، فسأل ربه ملكا ، لا يمكن أن ينتقل منه الى غيره. وذلك ملك الدين. وقوله : (مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي) أى ملكا لا يمكن أن ينتقل عنى الى غيرى.
وثالثها : من الناس من يقول : الاحتراز عن لذات الدنيا مع القدرة عليها ، غير ممكن عادة. فقال سليمان عليهالسلام : (هَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي) حتى أنى مع ذلك الملك العظيم ، اشتغل بطاعتك ، بحيث لا ألتفت البتة الى ذلك الملك العظيم ، ليعلم الناس أن تلك الدنيا لا تمنع عن خدمة المولى.
القصة الثالثة عشر : قصة يونس عليهالسلام (٢٦).
قال الله تعالى : («وَذَا النُّونِ ، إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً) (الأنبياء ٨٧)
واحتجوا به من وجوه :
أحدها : ان ذلك الغضب اما على الله ، أو على قوم أمره الله تعالى بدعائهم الى الايمان. وعلى التقديرين فذلك الغضب ذنب عظيم.
وثانيها : قوله تعالى : (فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) (الأنبياء ٨٧) والشك فى قدرة الله تعالى كفر.
__________________
(٢٦) قصة يونس عليهالسلام مذكورة فى سفر يونان فى التوراة. وفيها «وأما الرب فأعد حوتا عظيما ليبتلع يونان. فكان يونان فى جوف الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال» (يون ١ : ١٧) وفى القرآن الكريم أن الحوت «التقمة» ولم يبتلعه وأنه لبث فى بطن البحر ، ولم يلبث فى بطن الحوت. لأن الحوت لا يظل حيا الى يوم يبعثون.