فالجواب : أما قوله : (وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ) فالمعنى : امتحناه. وأما قوله : (وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً) ففيه وجوه :
أحدها : ان النبي عليهالسلام قال : «ان سليمان قال (٢٥) أطوف الليلة على مائة امرأة ، فتلد كل امرأة غلاما يقاتل فى سبيل الله ، فطاف ، فلم تحبل الا امرأة واحدة ، فولدت نصف غلام ، فجاءت به القابلة وألقته على كرسيه بين يديه ، ولو أنه قال : ان شاء الله ، لكان كما قال» فكان الابتلاء لأجل ترك الاستثناء.
وثانيها : انه تعالى امتحنه بمرض شديد ، فصار جسدا لا حراك به مشرفا على الموت. كما يقال : «لحم على وضم» و«جسد بلا روح» على معنى : شدة الضعف. والتقدير : وألقينا جسده على كرسيه. فحذف الهاء للمبالغة.
وثالثها : ولد ل «سليمان» ولد ، فخاف أن يهلكه الشيطان ، فأمر السحاب فحملته ، وأمر الريح أن يحمل إليه غذاءه ، فمات الولد ، وألقى ميتا على سريره. وانما فعل الله تعالى ذلك لأنه خاف الشيطان.
فأما الحكاية الخبيثة التى ترويها الحشوية ، فكتاب الله منزه عن ذلك ، ومبرأ عنها.
الشبهة الثالثة : قول سليمان : (هَبْ لِي مُلْكاً ، لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي) (ص ٣٥) وهذا حسد.
والجواب : من وجوه : أحدها : ان معجزة كل نبى تكون من جنس ما يفتخر به أهل
__________________
(٢٥) فى ا : أن النبي عليهالسلام قال : أطوف (والحديث رواه الشيخان وغيرهما بلفظ سبعين. وفى صحيح البخارى بلفظ «أربعين» بدل سبعين) والحديث يدل على أن بنى اسرائيل كانوا يجاهدون فى سبيل الله وينشرون دين موسى بين الأمم.