اذا عرفت تفسير الآية ، فنقول : ان رباط الخيل (٢٣) كان مندوبا إليه فى دينهم ، كما فى ديننا. فجلس سليمان عليهالسلام لتعرض عليه الخيل ، ثم بين أن ذلك ليس بسبب حب الدنيا ، بل لأن الله تعالى أمره بذلك ثم أمر باعدادها حتى توارت بالحجاب ـ أى حتى غابت عن بصره ـ ثم أمر بردها ، فلما وصلت إليه أخذ يمسح سوقها وأعناقها. اما لأجل تشريفها واظهاره شدة رحمته عليها ، أو أظهرا لكونها من أعظم الأعوان فى دفع العدو ، أو لأنه اراد أن يظهر من نفسه أنه فى ضبط مصالح دينه ودنياه ، بحيث يتكفلها بنفسه ، ولا يفوضها الى أحد ، أو لأنه كان أعلم بأحوال الخيل من غيره. فكان يمتحنها ويمسحها ليعلم حالها فى الصحة والسقم. وهذا الّذي ذكرناه كلام ينطبق عليه لفظ القرآن ، وفيه تعظيم أحوال الأنبياء عليهمالسلام فيكون أولى مما يكون بالضد من ذلك.
الشبهة الثانية : تمسكوا بقوله تعالى : («وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ) (٢٤) وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً» (ص ٣٤)
__________________
(٢٣) رباط الخيل كان مندوبا إليه فى دينهم ، كما قال المؤلف. ذلك لأن دين موسى عليهالسلام كان لليهود ولسائر أمم الأرض الى أن يأتى محمد صلىاللهعليهوسلم من آل اسماعيل عليهالسلام لأن لاسماعيل بركة ، ولإسحاق بركة. وكان موسى يجاهد فى سبيل الله وكان داود وسليمان يجاهدان لنشر شريعة موسى. وقد دخلت ملكة سبأ فى شريعة موسى على يد سليمان عليهالسلام. وقد وضحنا هذا فى كتابنا نقد التوراة أسفار موسى الخمسة.
(٢٤) فتنة سليمان. خلاصتها أنه لما تقدم أبوه فى السن ، قام «أدونيا» أخوه. وعد لنفسه عجلات وفرسانا وخمسين رجلا يجرون أمامه. وقال أنا أملك مكان أبى. وملك وداود لم يعلم. ولما علم داود عن طريق «ناثان» و«بثشبع» عزله وملك سليمان. والقصة بتمامها مذكورة فى الأصحاح الأول من سفر الملوك الأول.