الثالث : ان ابليس مخلوق من النار ، قال الله تعالى حكاية عنه : (خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ ، وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) والملائكة مخلوقون من النور ، لما روى عروة عن عائشة رضى الله عنها عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : «خلقت الملائكة من نور» ولأن من المشهور الّذي لا يدفع : أن الملائكة روحانيون. فقيل فى الاشتقاق : انهم خلقوا من الروح ، أو الريح.
الرابع : الملائكة رسل الله ، لقوله تعالى : (جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً) [فاطر ١] ورسول الله لا يكون كافرا ، لقوله تعالى : (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) [الأنعام ١٢٤]
أما التمسك بالاستثناء. فجوابه : ان الاستثناء من غير الجنس كثير فى القرآن ، وقوله: «لو لم يكن ملكا ، لما كان أمر الملائكة متناولا له» قلنا : لم لا يجوز أن يقال : انه كان من الجن ، الا أنه من [وقت صغره] (١٢) اختلط بالملائكة ، وتربى فيما بينهم ، وعظم قدره هنالك ، فصار فى الظاهر كأنه منهم ، فلا جرم كان الأمر المتوجه على الملائكة يتناوله.
الشبهة الثالثة : تمسكوا بقصة هاروت وماروت [البقرة ١٠٢] والقصة مشهورة.
والجواب : ليس الأمر كما يقال فى تلك القصة الخبيثة (١٣)
__________________
(١٢) ابتداء خلقه : ا
(١٣) المؤلف يحاور على أن قصة هاروت وماروت المروية فى كتب التفاسير ، قصة حقيقية. وهى ليست حقيقية. ومعنى الآية : أن علماء بنى اسرائيل أشاعوا فى الناس قصة باطلة. مؤداها : أن الله أنزل السحر عليهم وهم فى مدينة بابل عن طريق ملكين من ملائكة ـ