(فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ ، إِلَّا إِبْلِيسَ) [الحجر ٣٠] والاستثناء لا يكون الا من الجنس (١١).
الثانى : انه لو لم يكن من الملائكة ، لكان أمر الله للملائكة بالسجود ، غير متناول له ، فوجب أن لا تحصل له صفة الذنب بترك السجود ، فضلا عن الكفر.
والجواب عن الشبهة الثانية : لا نسلم أن ابليس كان من الملائكة. ويدل عليه وجوه:
الأول : ان ابليس كان من الجن ، والجن ليسوا من الملائكة. لقوله تعالى : (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ، ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ : أَهؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ؟ قالُوا : سُبْحانَكَ. أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ ، بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ) [سبأ ٤٠ ـ ٤١] دلت الآية على أنهم ما كانوا يعبدون الملائكة ، بل كانوا يعبدون الجن. فوجب أن يكون الجن جنسا آخر غير الملائكة.
الثانى : ان ابليس له ذرية. لقوله تعالى : («أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي)؟ [الكهف ٥٠] والملائكة لا ذرية لهم ، لأن الذرية لا تكون الا عند اجتماع الذكر والأنثى ، وليس فى الملائكة أنثى. لقوله تعالى : (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً) [الزخرف ١٩].
__________________
(١١) هذا الحوار دائر على أن الملائكة بمعنى الأجسام اللطيفة النورانية. ولكن اذا فسرت الملائكة بالاتباع. فانه يدخل فيهم الجن لأنهم أتباع الله ، ويدخل فيهم الشياطين قبل العصيان لأنهم كانوا أتباع الله. ومثل ذلك ما لو أن ملكا من الملوك جعل له جندا وأعوانا من الترك والبرير والعرب وغيرهم. فانهم يسمون أتباعه أو يسمون ملائكته على سبيل المجاز.