وثانيها : انهم طعنوا فى بنى آدم. وهذا الطعن غيبة ، والغيبة من الذنوب العظيمة.
وثالثها : حكمهم على البشر بالفساد والقتل ، ولا يجوز أن يقال : انهم عرفوا بالوحى ، لأنه تعالى لما أراد اعزاز آدم وأولاده ، فكيف يليق بذلك اطلاع الأعداء على (١٠) الغيوب؟ فثبت : أنهم قلوا ذلك عن الظن والحسبان. وذلك ذنب عظيم ، لقوله تعالى : (وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) [النجم ٢٨] وقوله : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) [الإسراء ٣٦].
ورابعها : انهم لما طعنوا فى بنى آدم ، مدحوا أنفسهم ، فقالوا : (وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) [البقرة ٣٠] وقالوا : (وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ ، وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ) [الصافات ١٦٥ ـ ١٦٦] وهذا لفظ يدل على أنهم كانوا يقولون : نحن الموصوفون بهذا التسبيح لا غيرنا. وكل ذلك عجب. والعجب من معظمات الذنوب ، لقولهعليهالسلام : «ثلاث مهلكات» الى قوله : «واعجاب المرء بنفسه»
وخامسها : انهم ذكروا عن أنفسهم الطاعة ، وذكروا أن ذلك حصل بتوفيق الله تعالى واعانته. وهذا غرور. وهو من الذنوب.
وسادسها : انه تعالى قال لهم : (أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) [البقرة ٣١] فهذا يدل على أنهم قد ذكروا كلاما ، وكانوا كاذبين فيه.
وسابعها : قوله تعالى حكاية عنهم : (قالُوا : سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا) [البقرة ٣٢] وهذا الكلام لا شك فى أنه اعتذار ، ولو لا تقدم الجرم والا لما احتاجوا الى هذا الاعتذار.
__________________
(١٠) العيوب : ا