واعلم : أنا لما فرغنا من ذكر الدلائل الدالة على عصمة الأنبياء ـ عليهمالسلام ـ فلنذكر الآن ما يدل على عصمة الملائكة ـ عليهمالسلام ـ ويدل عليه وجوه :
الحجة الأولى : قوله تعالى فى صفة الملائكة : (يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ، وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) [النحل ٥٠] قوله : (يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) يتناول جميع الملائكة فى فعل جميع المأمورات ، وترك جميع المنهيات. لأن كل ما نهى عن فعله ، فقد أمر بتركه.
الحجة الثانية : قوله : (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ ، لا يَفْتُرُونَ) [الأنبياء ٢٠] ومن صفته كذا لا يصدر عنه الذنب.
الحجة الثالثة : قوله تعالى فى صفة الملائكة : (بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ ، لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) [الأنبياء ٢٦ ـ ٢٧]
الحجة الرابعة : الملائكة رسل الله ، لقوله تعالى : (جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً) [فاطر ١] والرسول معصوم لقوله تعالى فى تعظيم الرسول : (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) [الأنعام ١٢٤]
فهذا مجموع الدلائل على عصمة الأنبياء والملائكة عليهمالسلام.
* * *
واعلم : أن شبهات المخالفين فى هذه المسألة كثيرة. ونحن نذكرها ان شاء الله تعالى على سبيل الاختصار :
القصة الأولى : قصة الملائكة وللمخالفين فيها شبهات أربع :
الشبهة الأولى : التمسك بقوله تعالى حكاية عنهم : (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ)؟ [البقرة ـ ٣٠]
فقد احتجوا بها من عشرة أوجه :
أحدها : ان قوله : («أَتَجْعَلُ»؟) اعتراض. والاعتراض على الله من أعظم الذنوب.