لا يجوز على الحكيم ، أو لا نكون مأمورين بالاقتداء به. وهو أيضا باطل. لقوله تعالى : (قُلْ : إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ ، فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ) [آل عمران ٣١] ولما كان صدور الفسق عنه ، يفضى الى أحد هذين القسمين الباطلين ، كان صدور الفسق عنه محالا.
الحجة الخامسة : لو صدرت المعصية عن الأنبياء ـ عليهمالسلام ـ لوجب أن يكونوا موعودين بعذاب جهنم ، لقوله تعالى : (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ. فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ) [الجن ٢٣] ولكانوا ملعونين ، لقوله تعالى : (أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) [هود ١٨] وباجماع الأمة : هذا باطل. فكان صدور المعصية عنهم باطلا.
الحجة السادسة : انهم كانوا يأمرون بفعل الطاعات وترك المعاصى ، فلو تركوا الطاعة وفعلوا المعاصى ، لدخلوا تحت قوله تعالى : (لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ؟ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ) [الصف ٢ ـ ٣] وتحت قوله تعالى : («أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ؟ أَفَلا تَعْقِلُونَ»؟) [البقرة ٤٤] ومعلوم أن هذا فى غاية القبح. وأيضا : أخبر الله عن رسوله شعيب ببراءة نفسه عن ذلك. فقال : (وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ) [هود ٨٨].
الحجة السابعة : قال الله تعالى (٧) : (إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ) [الأنبياء ٩٠] والألف واللام فى صيغة الجمع تفيد العموم. فدخل تحت لفظ (الْخَيْراتِ) فعل كل ما ينبغى ، وترك كل ما لا ينبغى وذلك يدل على أنهم كانوا فاعلين لكل الطاعات ، تاركين لكل المعاصى.
الحجة الثامنة : [قال الله تعالى فى صفة ابراهيم واسحاق ويعقوب] (٨) (وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ) [ص ٤٧]
__________________
(٧) تعالى فى صفة ابراهيم وإسحاق ويعقوب : الأصل
(٨) قوله تعالى : الأصل