المحبّة هي إطاعة الله في أوامره واجتناب نواهيه ; لأنّ أقرب الناس إلى الله أكملهم عقلا ، والعكس صحيح أيضاً ; أي أنقصهم عقلا هو أبعدهم عن الله سبحانه ; لأنّ العقل هو : ما عُبد به الرحمان واكتسب به الجنان ، كما في الحديث (١).
القرآن يدعو الناس إلى التعقّل ، ويخاطب العقل في كثير من آياته ولا يريد بالناس أن يقبلوا شيئاً من دون تعقّل وبرهان ، والدليل على هذا : قوله تعالى : (وقالوا لن يدخل الجنّةَ إلاّ مَن كان هوداً أو نصارى تلك أمانيُّهُم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين) (٢).
نعم ، هناك آيات كثيرة في القرآن تأمر بالتعقّل وتحذّر العباد من عدم التعقّل والتفكّر ، مثل قوله تعالى : (ومنهم مَن يستمعون إليكَ أفأنتَ تُسمِع الصُمَّ ولو كانوا لا يعقِلون) (٣) ، ثمّ أنّه يمدح المتفكّرين بقوله تعالى : (وأوحى ربُّكَ إلى النحل أن اتّخذي من الجبال بيوتاً ... إنّ في ذلك لآيةً لقوم يتفكّرونَ) (٤).
فطريقة القرآن في الدعوة إلى الحقّ هي طريقة العلوم الطبيعية الحاضرة وهي التي تستند إلى التجربة والمشاهدة والاستقراء والاستنتاج (٥).
نعم ، إن موضوع الآيات الكريمة المتقدّمة وكثير من آيات أُخرى هو موضوع العلم الطبيعي نفسه بأوسع معانيه ، ما عرفه الإنسان وسيعرفه ; لأنّ العلم الطبيعي يبحث عن الأشياء الكونية ، طبائعها وخواصها والعلاقات التي
____________
(١) الكافي ١ / ٨ ح ٢.
(٢) سورة البقرة ٢ : ١١١.
(٣) سورة يونس ١٠ : ٤٢.
(٤) سورة النحل ١٦ : ٦٨ و ٦٩.
(٥) كما قاله محمّد أمين في كتابه : التكامل في الإسلام ١ / ٢٣.