الفصل الخامس
فى الصبائية (١)
قوم يقولون إن مدبر هذا العالم وخالقه هذه الكواكب السبعة والنجوم فهم عبدة الكواكب. ولما بعث الله إبراهيم عليهالسلام كان الناس على دين الصبائية فاستدل إبراهيم عليهالسلام عليهم فى حدوث الكواكب ، كما حكى الله تعالى عنه فى قوله : (لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ) ، واعلم ـ أن عبادة الأصنام أحدث من هذا الدين لأنهم كانوا يعبدون النجوم عند ظهورها ولما أرادوا أن يعبدوها عند غروبها لم يكن لهم بد من أن يوروا الكواكب صورا ومثلا. فصنعوا أصناما واشتغلوا بعبادتها فظهر من هنا عبادة الأوثان (٢).
__________________
(١) ويقال لهم : الصبائية ، والصابئون. وكلها بمعنى واحد. والصابى هو التارك لدينه الّذي شرع له إلى دين غيره. والصائبون سموا بذلك لأنهم فارقوا دين الوحيد ، وعبدوا النجوم وعظموها. ولهم مذهب ينفردون به ، ويقرون بالصانع وبالمعاد ، وببعض الأنبياء. والحق أنه لا دين لهم ؛ لأنهم بين اليهود والمجوس. ويكادون يشبهون النصارى ، وقبلتهم نحو مهب الجنوب عند منتصف النهار.
(٢) والصائبون كانوا فى مبدأ أمرهم يسجدون للكواكب ، لكن لما كانت الشمس قد تغيب أو تختفى وراء الغيوم ، لذلك اخترعوا صورا للكواكب ، وسموها بأسماء الكواكب. والأوثان المشهورة بين قدامهم هى : المشترى ، وزحل ، والمريخ ، وعطارد ، وأرطاميس ، ويونون ، والزهرة. ثم عادوا يزعمون بأن نفوس العظماء من الموتى هى واسطة بين الله وبين خلقه ، لذلك اتخذوا صورا لهؤلاء العظماء ، وسجدوا لها. ويروى أن أول من اتخذ صورا للعظماء ودعا للسجود لها