أحداً يسير إليهم إلاّ على المكروه منه ، ولكن ذر عليّاً يكون عندك بالمدينة ؛ فإنّك لا تستغني عنه وعن مشورته ، واكتب إلى عكرمة بن أبي جهل» (١).
ويظهر من هذا النصّ التاريخي أنّ عمر يتخوّف من إباء عليّ عليه السلام قتال كندة ، مّما يدلّل على عدم تكفير عليّ عليه السلام لكندة وعدم قوله عليه السلام بردّتهم ..
ويظهر القول بإسلام كندة أيضاً من أبي أيوب الأنصاري عندما استشاره أبي بكر في كندة ؛ قال : «لو صرفت عنهم الخيل في عامك هذا وصفحت عن أموالهم لرجوت أن ينيبوا إلى الحقّ وأن يحملوا الزكاة إليك بعد هذا العام طائعين غير مكرهين ، فذاك أحبّ إليّ من محاربتك إيّاهم» (٢) ، ولكنّ أبا بكر أبى ذلك ، ولعلّه فطن إلى أنّ أبا أيوب الأنصاري من أنصار عليّ عليه السلام.
بل إنّ عمر اعترف بإسلام أهل «دَبا» ، الّذين ناصروا كندة في تمرّدهم ؛ إذ همّ أبو بكر بقتل المقاتلة وقسمة النساء والذرّيّة ، فقال له عمر ابن الخطّاب : يا خليفة رسول الله! إنّ القوم على دين الاِسلام ، وذلك أنّي أراهم يحلفون بالله مجتهدين : ما كنّا رجعنا عن الاِسلام. ولكن شحّوا على أموالهم» (٣) ، والحقيقة أنّهم أبوا إمارة أبي بكر.
وتظهر هذه الحقيقة التاريخية أيضاً من بكر بن وائل في البحرين ؛ إذ أنّ سبب تمرّدهم وردّتهم في قولهم لكسرى : «إنّه قد مضى ذلك الرجل الذي كانت قريش وسائر مضر يعتزّون به ـ يعنون بذلك الرسول صلى الله عليه وآله ـ
____________
(١) كتاب الفتوح ١ / ٥٧.
(٢) كتاب الفتوح ١ / ٥٦.
(٣) كتاب الفتوح ١ / ٥٩.