وما تخوّف منه هؤلاء الاثنا عشر من المهاجرين والأنصار من تمرّد القبائل العربية مسلمة الوفود بسبب تمرّد قريش نفسها وأصحاب السقيفة على وصيّة النبيّ وأمر الله ورسوله ، قد تحقّق ؛ فإنّ عصيانهم في الوصاية وارتدادهم عن عهد الله ورسوله في خلافة عليّ عليه السلام فتح الباب لسائر القبائل للارتداد عن أداء الزكاة ..
بل إنّ نصـوص كتب التواريخ ـ كما سيأتي استعراضـها ـ تنصّ على أنّ تمرّد القبائل في الجزيرة العربية كان بسبب إبائها خلافة أبي بكر ، واستهجانها مكانته ولآمة حسبه ونسبه ، وأنّهم قالوا : كما خانت قريش نبيّها في وصيّه فلِمَ نطيع قريش وأبا بكر في بغيهم؟!
فالزلزلة التي أصابت الاِسلام بسبب خلافة أبي بكر هي أكبر شؤم على الاِسلام ، وقد سبّبت هلاك الحرث والنسل ، كما تنبّأ القرآن الكريم بذلك ، وأشارت إليه سورة المدّثر المكّية ، رابع سورة نزولاً ؛ فقد قال تعالى في فئة الّذين في قلوبهم مرض ، وهي الفئة التي اندسّت في صفوف المسلمين في أوائل البعثة ، والتي كانت على ارتباط مع قريش الطلقاء في الخفاء : (فهل عسيْتُم إن تولّيْتم أن تُفسدوا في الأرض وتُقطّعوا أرحامكم) (١) ، في سياق آيات (الّذين في قلوبهم مرض) ..
وكذلك قوله تعالى : (وإذا تولّى سعى في الأرض ليُفسد فيها ويُهلك الحرث والنسل والله لا يحبّ الفساد) (٢) ؛ فقد خفرت كثير من الذمم والعهود.
____________
(١) سورة محمّـد ٦ ٤٧ : ٢٢.
(٢) سورة البقرة ٢ : ٢٠٥.