والتوحيد في الطاعة والولاية وهي الإمامة ؛ إذ أنّ الأئمّة المعصومين هم أوعية مشيئة وإرادة الله تعالى ، فقيادتهم هي حاكمية لمشيئة الله تعالى وإرادته.
ولن يستكمل التوحيد حتّى يعمّ قوله تعالى : (إن الحُكْمُ إلاّ لله) (١) كلّ المواطن ، وإلاّ فعزل الباري عن مسرح الحياة البشرية وقصر التوحيد على الذات والصفات ـ كما يصنع العلمانيون ـ ليس إلاّ توحيد أجوف صوري ، كما أنّ التوحيد في التشريع ـ النبوّة ـ دون التوحيد في التطبيق هو الآخر توحيد نظري بدون تطبيق ، كما قال الإمام عليّ عليه السلام : «احتجّوا بالشجرة وأضاعوا الثمرة» ، أي ثمرة النبوّة وهي الولاية لأهل البيت عليهم السلام ، فولايتـهم وإمامتـهم نهاية معاقل التوحـيد وزبدة مواطنه ، وهو الامتحان الذي فشل فيه إبليس الرجيم ؛ إذ لم يكفر بتوحيد الذات ولا الصفات بحسب الظاهر ولا بالمعاد ، بل كفر بولاية آدم وخلافته ، أي بالتوحيد في مقام الطاعة والولاية ، فنجم عن ذلك كفره وحبط عمله ، وإلى ذلك يشير أمير المؤمنين عليه السلام في خطبته القاصعة الطويلة ، وسنشير إلى مقطعين منها ..
الأوّل : «الحمد لله الذي لبس العزّ والكبرياء ، واختارهما لنفسه دون خلقه ، وجعلهما حمىً وحرماً على غيره ، واصطفاهما لجلاله ، وجعل اللعنة على مَن نازعه فيهما من عباده ..
ثمّ اختبر بذلك ملائكته المقرّبين ليميز المتواضعين منهم من المستكبرين ؛ فقال سبحانه وهو العالم بمضمرات القلوب ومحجوبات
____________
(١) سورة الأنعام ٦ : ٥٧ ، سورة يوسف ١٢ : ٤٠ و ٦٧.