فلا يأمل ولا يحلم المسلمـون بتحقّق الأُلفة والوحدة والقدرة لهم على أعدائهم من دون التمسّك بحبل الله ، المتمثّل بولاية وطاعة أهل بيت النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، وأنّ إنشاد الوحدة من دون ذلك ممتنع.
وهذا الإخبار من القرآن ومن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام إخبار إعجازٍ وتحدٍّ للمسلمين ؛ يعضد ذلك العقل والمشاهدة العيانية الاستقرائية لأوضاع المسلمين ..
أمّا العقل : فإنّ المسلمين إن لم يرجعوا في عقائدهم ، ومن ثمّ في أحكامهم وقوانينهم إلى مصدر واحد ، فكيف يتمّ لهم الاتّفاق في نظامهم السياسي والاجتماعي والمذهبي؟!
وأمّا المشاهدة العيانية الاستقرائية : فهي حاصلة بأنّ مذاهب العامّة لا تكاد تنحصر في عدد معيّن ، وحصرها في أربعة ما هو إلاّ من فعل الخلافة العبّاسية في القرن الرابع الهجري ، وإلاّ فمذاهب فقهائهم كثيرة كاثرة ، وهي لا تزال في تشعّب مذهبي ـ أي في أُصول القواعد ـ وفقهي واعتقادي ، ولم يبقَ من الأربعة إلاّ العدد فقط ، فهناك ـ الآن ـ مذاهب الوهّابيّة والظاهرية والأباظية والتكفير والهجرة ، وهلمّ جرّاً ؛ فكيف يرجى خلاص الأُمّة وهم يتّبعون مذاهب فقهية واعتقادية هي في الأصل من وضع الأُمويّـين والعبّاسيّين ، أي فقه السلاطين واعتقاداتهم؟!
ففقهاؤهم قاطبة ـ إلاّ ما شذّ وندر ـ يحرّمون الخروج على سلطان الجَوْر ، بلغ ما بلغ غيّه وفساده وجوره ، ما لم يكن كفراً بواحاً ، وإن كان وصوله إلى السلطة بالتغلّب والقهر والسيف ؛ فهل ترى للأُمّة الإسلامية من خلاص ونصرة على عدوّها والحال أنّ على رقاب ورؤوس المسلمين حكّاماً خونة؟!