وسيتّضح السبب في ذلك ..
فنقول :
أمّا تعرّضه ـ قبل كلّ شيء ـ للآية المباركة : (يا أيّها الرسول بلّغ ما أُنزل إليك ...) فما هو إلاّ فرار من البحث ، وتطويل بلا طائل ؛ إذ المهمّ هو الردّ على الاستدلال بحديث الغدير ، بالمناقشة في سنده أو دلالته ؛ لأنّه هو موضوع المراجعة ، وعلينا إثبات الحديث ودلالته على ما نذهب إليه ، والردّ على المناقشات ... كلّ ذلك استناداً إلى كتب القوم وكلمات أعلام علمائهم ، ثمّ يأتي دور القضايا المتعلّقة بالموضوع ..
سند حديث الغدير :
يقول الخصم : «حديث الغدير خبر آحاد مختلف في صحّته ...».
فهل نسي أو تناسى قول إمامه ابن تيميّة ـ الذي احتجّ بكلماته ـ : «وقد صنّف أبو العبّاس ابن عقدة مصنّفاً في جمع طرقه» (١)؟!
فطرقه كثيرة حتّى صنّف في جمعها الحافظ ابن عقدة كتاباً ، واعترف ابن تيميّة بذلك ، فكيف يكون من أخبار الآحاد؟!
وهل جهل أو تجاهل قول الحافظ ابن حجر في شرح البخاري : «وأمّا حديث : من كنت مولاه فعليُّ مولاه ، أخرجه الترمذي والنسائي ، وهو كثير الطرق جدّاً ، وقد استوعبها ابن عقدة في كتابٍ مفرد ، وكثير من أسانيدها صحاح وحسان» (٢)؟!
____________
(١) منهاج السُنّة ٤ / ٨٦ الطبعة القديمة.
(٢) فتح الباري في شرح صحيح البخاري ٧ / ٦١.